الآثار السلفية المنتقاة من كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

أسال الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر , وإذا أبتلي صبر وإذا أذنب أستغفر

هذا كلام سلفنا الصالح علينا الإتعاظ به


كان زياد مولى ابن عياش يقول لابن المنكدر ولصفوان بن سليم الجد الجد والحذر الحذر فإن يكن الأمر على ما نرجو كان ما عملتما فضلا , وإلا لم تلوما أنفسكما.

وكان عامر بن عبد قيس يقول والله لأجتهدن ثم والله لأجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله وإلا لم ألم نفسي .

وقال سلمان الفارسي إن المسلم ليبتلى فيكون كفارة لما مضى ومستعتبا فيما بقي وإن الكافر يبتلى فمثله كمثل البعير أُطلق فلم يدر لم أُطلق وعقل فلم يدر لم عقل

وكان بعض السلف يبكي ويقول ليس لي نفسان إنما لي نفس واحدة إذا ذهبت لم أجد أخرى

قال أبو بكر بن عياش قال لي رجل مرة وأنا شاب : خلص رقبتك ما أستطعت في الدنيا من رق الاخرة فإن أسير الاخرة غير مفكوك أبدا قال فوالله ما نسيتها بعد

وقال محمد بن الحنيفة إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لإنفسكم فلا تبيعوها بغيرها

وقال من كرمت نفسه عليه لم يكن للدنيا عنده قدر

وقيل من أعظم الناس قدرا ؟ قال من لم ير الدنيا كلها لنفسه خطرا

وانشد بعض المتقدمين قال

أثامن بالنفس النفيسة ربها ..... وليس لها في الخلق كلهم ثمن

بها تملك الأخرى فإن أنا بعتها ..... بشىء من الدنيا فذاك هو الغبن

لئن ذهبت نفسي بدنيا أصيبها ..... لقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن

وقال محمد بن عجلان إنما الكلام أربعة أن تذكر الله وتقرأ القرآن وتسأل عن علم فتخبر عنه , أو تكلم فيما يعنيك من أمر دنياك

وقال شميط بن عجلان يا أبن آدم إنك ما سكت فأنت سالم , فإذا تكلمت فخذ حذرك إما لك , أو عليك

وقال عمر من كثر كلامه كثر سخطه ومن كثر سخطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به

وقال بعض السلف يعرض على أبن آدم يوم القيامه ساعات عمره , فكل ساعه لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليه حسرات

وقال مجاهد ما جلس قوما مجلسا , فتفرقوا قبل أن يذاكروا إلا تفرقوا عن أنتن من ريح الجيفة وكان مجلسهم يشهد عليهم بغفلتهم وما جلس قوم مجلسا فذكروا الله قبل أن يتفرقوا إلا تفرقوا عن أطيب من ريح المسك وكان مجلسهم يشهد لهم بذكرهم

قال الفضيل بن عياض يزعم الناس أن الورع شديد وما ورد علي أمران إلا أتخذت بإشدها فدع ما يربيك إلى ما يريبك

وكان مطرف بن عبدالله يقول إجتهدوا في العمل , فإن يكن الأمر كما نرجوا من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات في الجنة وإن يكن الأمر شديدا كما نخاف ونحاذر لم نقل من قول الله تبارك وتعالى ( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل ) نقول قد عملنا فلم ينفعنا ذلك

وقال أيوب السختياني لاينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان العفة عما في أيدي الناس والتجاوز عما عما يكون منهم

وقال الحسن لا تزال كريما على الناس أو لايزال الناس يكرمونك مالم تعاط ما في أيديهم , فإذا فعلت أستخفوا بك وكرهوا حديثك وأبغضوك

وقال الحسن من أحب الدنيا وسرته خرج حب الآخرة من قلبه

وقال وهب إنما الدنيا والآخرة كرجل له إمرآتان إن رضي أحداهما أسخط الأخرى

وقال عبدالله بن عون الدنيا والآخرة في القلب ككفتي الميزان بقدر ما ترجح إحداهما تحف الاخرى

وقال الحسن ليس من حبك للدنيا طلبك ما يصلحك فيها ومن زهدك فيها ترك الحاجة يسدها عنك تركها ومن أحب الدنيا وسرته ذهب خوف الآخرة من قلبه

وقال سعيد بن جبير متاع الغرور ما يلهيك عن طلب الأخرة , ومالم يلهك فليس بمتاع الغرور ولكنه بلاغ إلى ماهو خير منه

وقال يحيى بن معاذ الرازي كيف لا أحب دنيا قُدٌر لي فيها قوت أكتسب به حياة أدرك بها طاعة أنال بها الآخرة

وقال الحسن نعمت الدار كانت الدنيا للمؤمن وذلك أنه عملا قليلا وأخذ زاده منها إلى الجنة وبئست الدار كانت للكافر والمنافق وذلك أنه ضيع لياليه وكان زاده منها إلى النار

هذا ما تيسر لي جمعه وصلى الله بارك على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم